واعلم أن الهندسة تفيد صاحبها إضاءة في عقله واستقامة في فكره، لأن براهينها كلها بينة الانتظام جلية الترتيب، لا يكاد الغلط يدخل أقيستها لترتيبها وانتظامها، فيبعد الفكر بممارستها عن الخطأ وينشأ لصاحبها عقل على ذلك المهيع. وقد زعموا أنه كان مكتوباً على باب أفلاطون: ” من لم يكن مهندساً، فلا يدخلن منزلنا ” . وكان شيوخنا رحمهم الله يقولون: ” ممارسة علم الهندسة للفكر، بمثابة الصابون للثوب الذي يغسل منه الأقذار وينقيه من الأوضار والأدران ” . وإنما ذلك لما أشرنا إليه من ترتيبه وانتظامه.
مقدمة ابن خلدون


GIPHY App Key not set. Please check settings